[size=16]و انا اتصفح الطبعات الاولى للصحف الصباحيه لفت نظرى هذا المقال الذى يتكلم عن الصور المتعدد للحب بمعناه الواسع و صوره المتعدده وليس فقط الحب المحصور في ما ينشأ بين الرجل والمرأة فالحب المقصود هو حب الدين والأخلاق والجمال والعدل وجميع المعاني السامية، ليس ذلك فحسب، بل يدخل فيه أيضا حب المنصب والمال والشهرة وغيرها من المحبوبات في هذه الدنيا. فما رايكم لو قرأناه معا ؟
***
للحب قوة عجيبة، فهو كما يقول عنه ميخائيل نعيمة: «سيد مطلق، لا يطيق فوق سيادته سيادة، يقود ولا يقاد، ويسوق ولا يساق ويأمر ولا يأتمر».
من صوره القوة في الحب أنه لا يبقى إلا لدى من يحسن استقباله ويكرم وفادته ويمتثل لأوامره، أما أولئك الذين يريدون أن يكيفوا الحب حسب أفكارهم ورغباتهم غير آبهين لما يأمرهم ويوجههم إليه، فإنه سرعان ما يغادرهم، فيطير عنهم مهاجرا بعيدا كحلم قصير. وقوة الحب تجعله لا يعترف بالشروط ولا يقبل بالمفاوضات ولا المساومات، وإنما هو دائما ثابت صلب في وجه الشدائد، يستمد من ذاته قدرة هائلة على تحمل الألم وتذليل الصعوبات والجلد على المشقة.
انظر كم يحتمل الباحث أو العالم من المشاق في سبيل بلوغ تلك الغاية التي يحبها، وأعني بها الوصول إلى المعرفة أو الحقيقة! وانظر كيف ينفق المحسن ماله أو جهده في بذل الإحسان وعمل الخير مدفوعا بمشاعر الحب وحدها، وانظر كم تحتمل المرأة أو الرجل من متاعب الجوع والإحساس بالحرمان عند اتباع حمية غذائية يتوقع منها أن تكون سببا في الحصول على المحبوبين: الصحة والرشاقة، بل انظر إلى مدى الآلام التي تسببها عمليات التجميل، ومع ذلك فإن المحبين للجمال يستمدون من حبهم له قوة تعينهم على تحمل تلك الآلام والصبر على أذاها.
ولك أن تقيس على ذلك أمورا أخرى كثيرة، لترى كيف يكون الحب دافعا إليها ومعينا على تحمل مشقتها، فالحب متى سكن القلب، أمده بقوة تعينه على أن يضحي ويكد ويشقى ويصبر ويعفو ويغفر ويتنازل، ثم لا يجد بعد ذلك سوى مذاق هانئ ناعم لكل ما يلقى.
لكن عيب الحب أنه لا يدوم، فهو أحيانا يهبط على القلوب فلا تحتمله طويلا، فما يلبث أن ينقشع عنها بعيدا كسحابة صيف، فإذا القوة المستمدة منه تنقلب إلى ضعف، وإذا القدرة الهائلة على تحمل الآلام تتحول إلى انهيار وسقوط، فلا تحدي ولا جلد، ولا عفو ولا مغفرة.
تقبلوا منى كل الحب و كل عام و انتم بخير
***[/size]